لا أحد يعلم بالضبط متى عرف الإنسان الصيد بالصقور، لكن اغلب الدراسات تشير إلى أن هذا الارتباط بين الصقر والإنسان عرف منذ حوالي 4000 عام· ويظهر ارتباط إنسان شبه الجزيرة واضحا للعيان في أشعار شعراء الجاهلية وفجر الإسلام، فالتغزل بالصقر وطريقة الصيد به وصفاته المختلفة أمر واضح في أشعار شعراء العرب الأوائل، كما أن تسمية المواليد بأسماء الصقور وصفاتها أمر شائع في الجزيرة العربية مما يدل على عمق الارتباط بين الإنسان العربي والصقر·
أما في الإمارات فمن المألوف أن نسمع بأن فلانا سمى ابنه صقرا أو عقابا أو شاهينا ويلقب البعض بألقاب مثل: قرموشة أو وكري أو جرودي وهي من الألقاب الشائعة في المجتمع الخليجي وكم من مرة سمعنا الشعراء يشبهون العين الجميلة بأنها (عين حر) أو الفتاة الرائعة الجمال بأنها حر أشقر، كل هذه الصفات والمسميات المختلفة تجعلنا ننظر لدنيا الصقور بعين الفضول لنعرف أنواع هذه الجوارح وأسباب اختلافها واختلاف تسمياتها·
الحر الشامي
تختلف مزايا الصقور وصفاتها الشكلية والعملية في عملية الصيد بحسب اختلاف أنواعها، كما تختلف أهمية الطير وقيمته باختلاف نوعيته· ويبدي كثير من المهتمين بالصقور استعدادهم لدفع مبالغ طائلة للحصول على أنواع بعينها من الطيور لما تتميز به من قدرة كبيرة على الصيد أو لبهاء ألوانها وصفاتها الجمالية، وأبرز هذه الطيور فصيلة الحر التي تنطوي تحتها أنواع من الصقور تجمع بينها الصفات العامة وتتميز عن بعضها بخصائص كثيرة وتتفاوت في الأحجام والألوان والقدرة، وأبرز أنواعه الحر الشامي وهو نوع من الصقور يعيش في صحراء القوقاز ويهاجر شتاء إلى بلاد الشام، ولهذا سمي بالشامي ومن أبرز صفاته أنه ناصع البياض، بهي المنظر، ونادر جدا حتى أن نسبة وجوده لا تتعدى 3% ويعود سبب هذه الندرة إلى ضرورة أن يكون من أبوين من نفس الفصيلة وهو أمر نادر الحدوث لأن الحر الشامي يتزاوج مع طيور حرة من غير فصيلته بشكل كبير، وهو صغير الرأس، شديد سواد العيون قصير المنقار طويل الرقبة، فارع الصدر، يكسو ساقيه ريش طويل كالسراويل يتدلى من أعلى الفخذين يعرف باسم (الشلايل)، ألوانه تتراوح بين البياض الناصع والأشهب الواضح اللون·
الحر الأشقر
ومن أنواع الحر أيضا الحر الأشقر الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الحر الشامي ويوازي الشامي في ثمنه، وإن كان يقل عنه في السعر وهو أيضا من الطيور النادرة، ويهاجر هذا الحر من آسيا إلى بلاد فارس وشمال الجزيرة العربية، ويتشابه مع الحر الشامي في الصفات إلا أنه يكون عريض الصدر بعض الشيء قياسا إلى الشامي، ويختلف أيضا عن الشامي في اللون حيث تغلب على لونه الشقرة، ويتفاوت بين الأشقر المائل للبياض إلى الشقرة المائلة للاحمرار، ولا يقل هذا الحر الأشقر عن الشامي في الصيد وفنونه ويمتاز عن باقي الحرار بحدة البصر·
السنجاري
وبعد الحر الشامي والأشقر يأتي الحر السنجاري الذي ينسب إلى جبل سنجار في العراق، وهو أيضا من الحرار عالية القيمة والمرغوبة عند الصقارين خاصة إن كان صافي اللون متناسق، وهو في العادة عظيم البنية متسم بالخشونة فارع الصدر تتدلى فوق فخذيه أرياش طويلة تغطي الساقين إلى الرسغ، لونه في الغالب غير منقط وخاصة أرياش الذنب ويشبه رأسه رأس العقاب ويمتاز بأن (المنسر) أو المنقار فيه تام بعكس الأشقر والشامي اللذان يتميزان بقصر المنقار·
الجرودي
ومن الحرار أيضا طير الجرودي ويميز بلون غريب أشهب مائل للصفرة وبين الأدهم وبحسب لونه يزيد قدره أو ينقص، وهذا النوع من الحرار يهاجر إلى العراق (بين نهري دجلة والفرات بالضبط)، وفي شكله يبدو الجرودي خليطا بين الشامي والسنجاري فمنه ما هو عريض الوسط مثل الشامي ومنه ما هو مستطيل الشكل مثل السنجاري، وفي لونه الذي يميزه نراه أشهب اللون أرقط الظهر والذنب وتكسو ظهره نقاط لونها بين الأبيض والأصفر في خطوط منتظمة وهي التي تضفي عليه رونقا خاصا ولهذا يسهل تميزه بين الأنواع المختلفة لكنه عاري الساقين بخلاف الأشقر والشامي والسنجاري·
ومن مميزات الجرودي أيضا تحمله للحرارة فهذا النوع من الحرار يتكاثر ويتآلف في المناطق الحارة، كما يصيد بقدرة فائقة ويحسن التخفي والتمويه·
الوكري·· الأكثر شيوعاً
الوكري هو أكثر أنواع الحرار شيوعا بين الناس ربما لسعره المناسب المعتدل وأحجامه المتفاوتة، لكنه برغم ذلك يصبح صيادا ماهرا في حالة تم تدريبه بشكل جيد، ويمتاز عن بقية الحرار بصيد الأرانب وهو يتحمل درجات الحرارة المرتفعة أكثر من باقي أنواع الحرار الأخرى ومنه أنواعه: الجبلي والصحراوي، لكنها ذات صفات واحدة وألوان متقاربة تندرج بين الأشهب الذي تعلوه الغبرة والأحمر الباهت والأدهم المختلط بالأسود، وليس من ألوانه الأبيض أو الأشقر، وهو كبير الرأس مسطح عليه مسحة من الحمرة في أعلى الرأس ويحيط برأسه خط أسود يقال له ''عقال''، قصير الرقبة وكذلك جناحاه وذنبه، وساقاه عاريتان ليس عليهما ريش يغطي أسفل الركبة·
الشاهين
وبخلاف طيور الحر المختلفة الأنواع هناك أيضا فصيلة أخرى من الصقور هي: الشاهين وهو نوع يعيش في منطقتين من العالم أولهما سيبيريا وينزح منها في الشتاء إلى الخليج العربي والجزيرة العربية، ويغلب على ألوانه اللون الأسود وهو الأكبر حجما كما أنه مرغوب على نحو واسع لدى الصيادين، والمنطقة الثانية التي يتكاثر فيها هي أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص، ومنه الشاهين الأحمر وحجمه متوسط، وأهم ميزاته السرعة في الطيران، وهذا يهاجر عبر البحر الأبيض المتوسط ثم تأتي بعد ذلك كندا في القارة الأميركية وتوجد بها الشواهين ذوات اللون الأسود والأحمر على حد سواء·
وعلى اختلاف أنواعه يقطع الشاهين في رحلته السنوية آلاف الكيلومترات حيث يبلغ في منتصف الشتاء إلى شواطئ البحار الدافئة وهو يتبع في هجرته تلك أسراب الطيور المهاجرة التي يعتمد عليها في غذائه، والمشهور عن الشاهين أنه صقر جوال يعتمد على قوة اختراقه للريح وسرعة طيرانه وقدرته فائقة على الانطلاق في كل اتجاه·
ويتراوح طول الشاهين من 16-19 بوصة وأغلب ألوانه الأسود المنقط والبني المائل إلى الحمرة أو الصفرة، ويعتبر الأسود أمهر في الصيد، والأحمر أسرعها والأبيض أندرها·
وفي صيف كل عام ''يجرنس'' الشاهين أي يغير ريشة في فترة المقيظ ويسمى في العام الأول ''فرخ'' ويكون أقدر على الصيد وأكثر مهارة فيه، وفي العام الثاني بعد أن يبدل ريشه يسمى ''جرناس شاهين بكر'' وفي العام التالي ''جرناس شاهين ثنو'' وفي نهاية العام الرابع يسمى ''جرناس ثالث'' وهكذا كل عام، ويتغير شكل الشاهين بتغير ريشه كل عام حتى انه من السهل تمييز ''الفرخ'' عن ''جرناس الثنو'' بعد أن تكتمل عمليه تبديل الريش·
التبع الصغير
التبع صورة مصغرة للشاهين لكنه أصغر كثيرا منه وإن كان يشبه الشاهين في الشكل والمسلك والهجرة، لكنه أضعف كثيرا من الشاهين ومن الصعب أن يصيد طيورا أكبر منه حجما كالحبارى التي تميزه عن الحر والشاهين فتهزمه بأن ترميه بـ ''السلح''، ولصغر حجمه وعدم أهميته في الصيد فهو يستعمل لتدريب الصغار أو ليكون مجالا لإظهار فنون الصغار في الصيد وهو عادة يصيد الحمام والكراوين التي تصغره حجما